لطالما لعبت النساء في العلوم دورًا محوريًا في تقدم البشرية، على الرغم من التحديات العديدة التي واجهنها على مر العصور. من الكيمياء إلى الفيزياء، ومن التكنولوجيا إلى الفضاء، تركت العالمات والمخترعات بصمات لا تُنسى في مجالاتهن. في هذا المقال، سنتعرف على بعض رائدات التكنولوجيا والعلم اللواتي أحدثن ثورة في مجالاتهن وأسهمن في تغيير العالم، ليكنّ مصدر إلهام للأجيال القادمة.
ماري كوري: أيقونة الفيزياء والكيمياء

تُعد ماري كوري واحدة من أعظم العلماء في التاريخ، حيث كانت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وأول شخص يفوز بها مرتين في مجالين مختلفين.
- كانت رائدة في دراسة النشاط الإشعاعي، وهو المصطلح الذي صاغته بنفسها.
- اكتشفت مع زوجها بيير كوري عنصري الراديوم والبولونيوم، ما فتح أبوابًا جديدة في الطب والعلاج الإشعاعي.
- كانت أول أستاذة في جامعة السوربون، وكافحت لتحقيق مكانة للمرأة في البحث العلمي.
ساهمت أبحاثها في تطوير علاجات السرطان، حيث لا تزال استخداماتها في العلاج الإشعاعي تُنقذ أرواحًا لا تُحصى حتى يومنا هذا.
روزاليند فرانكلين: مفتاح اكتشاف الحمض النووي

لم تكن روزاليند فرانكلين اسمًا شائعًا في الأوساط العلمية لفترة طويلة، لكنها كانت العقل المدبر وراء اكتشاف بنية الحمض النووي (DNA).
- استخدمت تقنية الحيود بالأشعة السينية للحصول على صور دقيقة لجزيئات الـ DNA.
- كانت أبحاثها حجر الأساس الذي اعتمد عليه واطسون وكريك في بناء نموذجهم الشهير.
- رغم عدم حصولها على التقدير المستحق في حياتها، فإن العالم يدرك الآن فضلها في هذا الاكتشاف الثوري.
تظل أبحاثها ركيزة أساسية في علم الوراثة والطب الحديث، حيث ساعدت في فهم العديد من الأمراض الوراثية.
غريس هوبر: رائدة البرمجة الحاسوبية

في مجال التكنولوجيا، لا يمكن تجاهل دور غريس هوبر، العالمة التي ساهمت في تطوير أول مترجم برمجي (Compiler) وأرست قواعد لغات البرمجة الحديثة.
- كانت من أوائل من أدركوا أهمية تسهيل كتابة الأكواد البرمجية بلغة قريبة من اللغة البشرية.
- ساهمت في تطوير لغة COBOL، التي أصبحت من أهم لغات البرمجة في الأعمال والتطبيقات المالية.
- اشتهرت بابتكار مفهوم “تصحيح الأخطاء البرمجية” (Debugging) بعد اكتشافها لحشرة فعلية داخل جهاز الكمبيوتر.
ساعدت ابتكاراتها في جعل البرمجة أكثر سهولة، مما مهد الطريق أمام التطورات الحديثة في مجال البرمجيات.
كاثرين جونسون: العقل المدبر وراء رحلات الفضاء

كان للرياضياتية العبقرية كاثرين جونسون دور محوري في نجاح مهمات وكالة ناسا الفضائية، حيث كانت حساباتها حاسمة في إرسال أول رواد الفضاء إلى المدار.
- عملت على حساب مسارات الطيران لمهمة جون غلين، أول أمريكي يدور حول الأرض.
- ساهمت في وضع الأسس الرياضية لبرنامج الهبوط على القمر ضمن مشروع أبولو 11.
- تحدت الحواجز العرقية والجندرية في فترة كانت تعاني فيها النساء، وخاصة النساء الملونات، من التمييز في أماكن العمل.
كان لإسهاماتها دور كبير في تمكين البشرية من استكشاف الفضاء بثقة ودقة عالية.
هيدي لامار: ممثلة اخترعت تقنيات الاتصالات الحديثة

قد يبدو اسم هيدي لامار مألوفًا لعشاق السينما، لكنها لم تكن مجرد ممثلة هوليوودية، بل كانت أيضًا مخترعة ساهمت في تطوير أنظمة الاتصال الحديثة.
- ابتكرت تقنية التردد القافز (Frequency Hopping) لمنع التشويش على الاتصالات اللاسلكية أثناء الحرب العالمية الثانية.
- شكلت فكرتها الأساس الذي بنيت عليه تقنيات مثل الواي فاي (Wi-Fi) والبلوتوث (Bluetooth) والـ GPS.
- لم تحصل على التقدير العلمي الذي تستحقه إلا بعد عقود من الزمن.
اليوم، تُستخدم أفكارها في معظم تقنيات الاتصال اللاسلكي التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية.
خاتمة: دور المرأة في العلوم والتكنولوجيا مستمر

على مر العصور، أثبتت النساء في العلوم ورائدات التكنولوجيا أنهن قادرات على إحداث تغيير عظيم في العالم. رغم التحديات، لم تتوقف هؤلاء العالمات عن تحقيق إنجازات غيرت حياة البشر، وساهمن في تمهيد الطريق أمام المزيد من النساء لدخول هذه المجالات.
إن تسليط الضوء على قصص هؤلاء الرائدات ليس مجرد احتفاء بإنجازات الماضي، بل هو دعوة لتشجيع الأجيال القادمة من الفتيات على السعي وراء شغفهن في العلوم والتكنولوجيا، والمساهمة في رسم مستقبل أكثر إشراقًا للبشرية.